إنني أتساءل: كيف يمكن إثبات اتجاه دوران الأرض حول الشمس؟ هل يمكن ذلك بواسطة تباين التوقيت اليومي الفلكي مقارنة باليوم الأرضي (الذي يقل بمقدار ٤ دقائق) الذي يزيد بمقدار ٤ دقائق إذا كانت الأرض تدور في الاتجاه المعاكس أو أنه يوجد سبب آخر؟ شكراً لتوضيحكم الأمر...

إنني لا أفهم جيداً إن كنتم تبحثون عن تفسير أو عن طريقة لإثبات دوران الأرض حول الشمس. وكما أوضحتم أن التباين بين الأيام الفلكية والشمسية ما هو إلا دليل على دوران الأرض حول الشمس. وإثبات ذلك "بالنظر" للتلاميذ ليس أمراً سهلاً. فالفرق الذي يبلغ ٤ دقائق (تقريباً) يومياً بين التوقيت الفلكي والتوقيت الشمسي تسبب فعلياً في ظهور النجوم مبكراً شيئاً فشيئاً كل يوم. وليس من السهل رؤية ذلك على مدار بضعة أيام بل على مدار بضعة أسابيع منفصلة حيث يصبح من السهل قياس الفرق. وفي الشتاء بصفة خاصة تظهر مجموعة نجوم أوريون Orion الكبرى التي يسهل التعرف عليها والتي تظهر مبكرة مرة بعد مرة. وحين يحل الظلام مبكراً إلى حد ما، يسهل رؤية موقع هذه المجموعة ليلاً في شهر نوفمبر ثم ديسمبر ثم يناير. ونلاحظ ظهورها مبكراً شيئاً فشيئاً وكذلك ارتفاعها التدريجي في السماء من الشرق طوال الشتاء. وليست هذه المشاهدة دليلاً سهلا أيضاً على حركة الأرض حول الشمس أيضاً. بل من الممكن محاولة استنتاج أي المجموعات النجمية تختفي عند الغرب بعد غروب الشمس مباشرة ومن هنا ملاحظة حركة الشمس وفق المجموعات النجمية.

قطعاً، فمراسلتكم أوضحت جيداً أن الفرق الذي يبلغ مقداره ٤ دقائق هو نتيجة دوران الأرض حول الشمس (بمعنى أدق هو مقدار الدوران) وأن علامة هذا الفرق (أن اليوم الشمسي أطول من اليوم الفلكي) يوضح أن دوران الأرض حول الشمس يتم في نفس اتجاه دوران الأرض حول نفسها (في عكس اتجاه عقارب الساعة عند النظر للأرض من القطب الشمالي). وفي الحقيقة عندما تتم الأرض دورة كاملة حول النجوم، فإنها تحيد عن مسارها وبالتالي لا تعد الشمس في نفس الوضع الظاهري بالنسبة لها مقارنة بالنجوم. لذا لا تقوم بدورة كاملة ويجب الانتظار ٤ دقائق أخرى لعودتها لموقعها الأصلي. وإذا كان دوران الأرض حول نفسها في الاتجاه المعاكس للدوران، لكانت مدة اليوم الشمسي تكون أقل من اليوم الفلكي وتكون السنة ٣٦٧.٢٥ يوم. وهناك طريقة أخرى لشرح هذه الظاهرة هي القول بأن الشمس تدور ببطء مقارنة بالنجوم حيث أنها تتأخر ٤ دقائق يومياً، خلال دورتها مرة كل عام. ويتمشى ذلك مع المرور المتوالي للمجموعات النجومية للأبراج لكافة: الحمل، الثور الخ... المتعارف عليها لدى الشغوفين بالتنجيم! ويظهر اتجاه الدوران عن طريق الحركة العكسية للدوران (من الغرب للشرق) مقارنة بالحركة اليومية الظاهرية. وإذا كان هذا الاتجاه عكسياً تكون الدورتان الظاهريتان في نفس الاتجاه.

يتوقف التفاوت بين اليوم الفلكي واليوم الشمسي على اتجاه دوران الأرض حول نفسها واتجاه دورانها حول الشمس. وإذا تمت هاتان الدورتان في نفس الاتجاه، فان اليوم الفلكي يكون أقصر من اليوم الشمسي (تفاوت سالب)، ويكون أطول إذا كانت الدورتان تتمان في الاتجاه المعاكس. تدور الأرض حول نفسها من الغرب إلى الشرق (عكس اتجاه عقارب الساعة، إذا نظرنا من ناحية القطب الشمالي) حيث إن الشمس تنتقل من الشرق إلى الغرب خلال اليوم. ونظراً لأن اليوم الفلكي أقصر، تدور الأرض حول الشمس في الاتجاه المعاكس لعقارب الساعة (عند النظر من القطب الشمالي الأرضي، مع مراعاة الميل الطفيف لمحور الدوران). وفي النهاية، فإن حركة الشمس خلال اليوم تأتي نتيجة هاتين الحركتين: دوران الأرض حول نفسها التي تحرك الشمس من الشرق إلى الغرب (إذا نظرنا من الأرض) ودورة الأرض حول الشمس التي تحرك الشمس من الغرب إلى الشرق (عكس السابقة!). ويبدو واضحاً أن الحركة الأولى أسرع بكثير من الثانية: ٣٦٠ درجة في ٢٤ ساعة مقابل ٣٦٥ يوماً (أقل من درجة يومياً في المتوسط).

تدور الأرض حول نفسها من الغرب إلى الشرق ويظهر ذلك في صورة حركة واضحة من الشرق إلى الغرب، تتضح عبر النجوم التي تظهر من الشرق (دائماً من نفس الاتجاه) ثم تختفي في الغرب (دائماً في نفس الاتجاه). وتقاس مدة الدوران الفلكية للأرض، هذا الدوران بالنسبة للنجوم، ببساطة عن طريق قياس الزمن الذي يفصل بين عبور أحد النجوم لخط المنتصف (الذي يقارب ٢٣ ساعة و ٥٦ دقيقة و٤ث). ويعد من الصعب تحديد حركة الشمس مقارنة بالنجوم حيث لا يمكن رؤيتهما في نفس الوقت. ويظل الحل الأبسط هو الذي كان يستخدم قديماً وهو تتبع ظهور النجوم التابعة للشمس. فذات صباح نتتبع أحد النجوم القريبة من الشمس والتي تظهر قبل شروق الشمس مباشرة، وفي اليوم التالي نلاحظ ظهور نفس النجم في وقت مبكر عن الشمس قليلاً، وتزيد المسافة بين النجم والشمس يومياً (حوالي درجة يومياً إذا كان النجم على مدار الشمس)، وبعد مرور ١٠ أيام، نلاحظ تحرك الشمس بمقدار ١٠ درجات تقريباً مقارنة بالنجم. ويكون ظهور النجم أكثر تبكيراً من شروق الشمس، فالشمس تبتعد عن النجم في اتجاه الشرق، وتدور في نفس اتجاه الأرض حول نفسها أي من الغرب إلى الشرق.